Khaled El Nabawi
خالد النبوي في حسن طيارة يحاول اللحاق بالنجومية التي كادت تتجاوزه
د. رفيق الصبان يكتب عنفيلم صغته النوايا الحسنة وحدها خالد النبوي في حسن طيارة يحاول اللحاق بالنجومية التي كادت تتجاوزه لم يشأ البطل أن يضيع أي فرصة يثبت بها موهبته فهو رجل المبادئ الرومانسي القادر علي الأكشن مشكلة الفيلم هي أساسه الهش واختلاق أحداث بعيدة عن الواقع والإقناع السيناريو جزءاين منفصلين أولهما يذكرنا برومانسيات ليلي مراد وأنور وجدي والثاني أكشن غير متقن الصنعة من أقوال المخرج الكبير «لويس لوفيل» المأثورة قوله أان في كل فيلم سينمائي مهما يكن مستواه نقاطاً إيجابية علي الناقد الماهر أن يكشفها.والحقيقة أني حاولت متبعا هذه النصيحة أن أفتش عن الإيجابيات التي يحتويها فيلم «حسن طيارة» لمخرجه الشاب سامح عبدالعزيز والذي يعود فيه إلينا النجم خالد النبوي .. بعد تجارب سينمائية أخذت منه الكثير ولم تعطه شيئا، وهاهو «النبوي» الآن يحاول أن يفتح لنفسه صفحة جديدة مسلحا بالتحدي والإرادة الصلبة والرغبة في الخروج من تحت الماء ومواجهة «شمس» النجومية الساطعة التي بدأت تغرب عنه.خالد النبوي يملك كل مقومات الفن الأولي في السينما المصرية، وجه وسيم وحضور لافت، وإيمان حقيقي بما يفعله، وإذا كان قد أخطأ أكثر من مرة سابقا في اختيار الأدوار المناسبة له .. وفقد من جرائها جزءا كبيرا من جمهوره .. فإنه يظل بالنسبة للكثيرين «رام» الذي قدمه يوسف شاهين في «المهاجر» بأبهي صورة وبشكل يصعب نسيانه.ولكن هذه الرغبة الشديدة بعودة قوية لامعة تغفر له كل أخطاء اختياراته السابقة، جعلته يرغب في تقديم أكثر من وجه له.. في هذا الفيلم الذي اختار له مخرجا شابا هو سامح عبدالعزيز، فهو الشاب الوسيم، العصامي، ابن الحارة، المحامي الذي تضطره ظروف البطالة في بلده أن يعمل سائقا لميكروباص وهو الذي يحمي أخاه الصغير من خطر المخدرات، وهو الشهم الذي ينقذ المذيعة الجميلة من محاولة معاكسة أو اغتصاب تتعرض لها، وهو المدافع عن حقوق العمال الذين طردتهم شركة رأسمالية فاسدة .. وهو المتصدي للفساد في كل أوجهه ، الشريف الذي لا يقبل مساومة علي مبادئه .. والقوي الجسد الذي يقهر وحده عشرة «بودي جاردات» محترفين لينقذ محبوبته من يد مختطفيها.وهو فوق ذلك كله العاشق الرومانسي الذي يعيش قصة حب لاهبة علي أنغام أغنية عاطفية أمام أمواج النيل وحدائق القاهرة ومقاهيها الشعبية.كل ذلك في واحدة وكأن خالد النبوي أراد أن لا يضيع أية فرصة أمامه لكي يثبت موهبته، فهو الرومانسي وهو رجل الحركة وهو رجل المبادئ.وهو النموذج الأكمل للشاب المصري كما نحلم به أن يكون، ولكن كي تحقق مثل هذه الشخصية النجاح الذي تصبو إليه فإنها تحتاج إلي سيناريو ماهر ومحكم البناء يجعلنا نتابع مثالياتها ورومانسيتها وبطولاتها بإعجاب وقناعة.أحداث خياليةولكن المشكلة في حسن طيارة أنه يقوم علي أساس هش لدرجة العجب اختلطت فيه الأحداث الخيالية البعيدة تماما عن الواقع وعن التصديق.بل أدهي ما في هذا السيناريو أنه انقسم إلي جزأين منفصلين تماما الواحد عن الآخر النصف الأول يروي كما روت الأفلام المصرية في الأربعينيات والخمسينيات العلاقة الطبقية التي تربط بين فتاة ثرية «وهي هنا المذيعة اللبنانية رزان مغربي التي تلعب أيضا دور مذيعة دون أن تجيد اللهجة المصرية وبطريقة مرتبكة بدائية» بشاب فقير، وكيف بدأت هذه العلاقة عندما استطاع «حسن» أن ينقذها من شباب عاطل حاول تصيدها .. تجاه هذه «الشجاعة» تسقط رزان في حب حسن وتلاحقه بطريقة تصل إلي حد الاضحاك، أو تذهب إلي قسم الشرطة لتسترد «شهادة السواق» التي صادرها البوليس منه، ثم تلاحقه كما يلاحق الشاب الفتاة، وليس العكس وتطارده بالتليفونات .. وتقبل دعوته إلي المقاهي الشعبية، وبالطبع فإن ذلك لا يروق لرجل الأعمال الذي يحاول أن يتزوجها خصوصا بعد أن أصبح والدها وزيرا مرموقا، فيحاول كالعادة أن يعتدي علي «حسن» الشهم بواسطة مجموعة من الفتوات كي يمنعه من الاقتراب منها.ولكن الحب الرومانسي ينتصر وتحاول «رزان» بواسطة نفوذها ونفوذ أبيها أن تجعل حسن يعود إلي المحاماة «بعد أن أحرق الخطيب الشرير عربيته» وأن تجعله مساعدا لمحام كبير يقربها.وهكذا تبدأ حياة حسن بالتغير وعوضا عن أن يتوقف الفيلم هنا ويستمر في تصعيد الخط العاطفي الذي يعيدنا إلي رومانسيات ليلي مراد وأنور وجدي، فإننا نجده فجأة وقد انقلب إلي فيلم آخر مختلف.إذ يكتشف حسن بعد أن نجح الشرير «ويلعب دوره بنمطية ثقيلة الممثل الموهوب خالد الصاوي الذي يصر دائما علي إضاعة موهبته وأن يقدم لنا أثر كل دور ناجح يلعبه دوراً آخر ينسينا تماما المجد الذي حققه» في طرده من عمله الجديد كمحام بمساعدة الوزير والد وزان، في أن ماجد هذا «وهو اسم الصاوي في الفيلم» الذي خدع الوزير بشراء مصنعه بعشر الثمن المقدر له وقام بتسريح نصف العمال العاملين فيه مما يثير نخوة «حسن» فيقرر مواجهة عدو البلاد والاقتصاد هذا «مع أن معرفته بالخبر جاءت عن طريق الصدقة المحضة، ومن خلال قراءة خبر في الجورنال وهو يشرب الشيشة علي القهوة» وأن يجمع العمال المفصولين ليجعل منهم مجموعة من المطالبين بحقوقهم، ولكن ماجد ينجح مرة أخري في إفشال مخطط حسن ورشوة المعتصمين مما يدفع حسن إلي التفكير بحل آخر ويأتيه هذا الحل علي طبق من فضة أثر شجار قوي بين ماجد وعشيقته «وهي صديقة حميمة لرزان!!» يطردها فيه بقسوة بعد أن استغل نفوذها في الحصول علي ما يريد من مغانم.أكشن غير مقنعولكي تنتقم هذه العشيقة منه تتصل بحسن وتخبره بوجود وثائق مهمة خبأها ماجد في مكتبه بالبيت.. وتعطيه مفتاح المطبخ لكي يتسلل إلي البيت ويسرق هذه الوثائق، وبالطبع يقبل بطبعه الشهم القيام بالسرقة والتي يقدمها الفيلم عن طريق تشويق ساذج مكرر، ويكتشف ماجد السرقة ولكنه يحاول تبرئة نفسه في برنامج تليفزيوني تقدمه «رزان»، مما يثير غضب حسن ويتهمها بأنها لا تختلف عن طبقتها الفاسدة.ولكن فجأة يحدث ما لم تتوقعه إذ يقوم ماجد بخطف رزان وأخذها إلي المصنع المهجور ويسرع حسن لإنقاذها «وبالطبع لا نسأل كيف عرف أين هي»، ويواجه رجال ماجد الأقوياء .. واحدا أثر الآخر ببطولة خارقة «ولم لا ألا يفعل أحمد السقا ذلك .. ومفيش حد أحسن من حد».وينقذ رزان بعد أن يسقط ماجد من أعلي درجات المصنع قتيلا .ويعود الحبيبان إلي مزاولة قصة حبهما الجميل علي أنغام الأغنية العاطفية. إنني أقر بموهبة خالد النبوي التمثيلية التي أثبتها في أكثر من فيلم، ولكني لا أقر ذكاءه في اختيار أدواره خصوصا الآن وهو في طريقه للعودة الكبري، والتي يقول إنه تعلم في فترة الغياب الطويلة هذه عن جمهوره أدوارا كثيرة ستساعده علي تجنب الأخطاء!!ولا أفهم كيف أمكنه أن يقبل سيناريو بهذا التفكك وهذا الضعف سواء في بنائه الدرامي .. أو في رسم شخصياته، أو في النمطية المؤلمة الفجة التي يقدم بها وقائعه.وبالطبع لا يمكن لمخرج شاب تعوزه الخبرة كسامح عبدالعزيز أن يتلافي الأخطاء القاتلة التي امتلأ بها الفيلم.. ولا أن يقود ممثلين ضمن منظومة واحدة متكاملة .خالد النبوي يمثل علي طريقته، رزان تقريبا لا تمثل ، عزت أبو عوف يتساءل عن سبب وجوده، وخالد الصاوي يغرق في نمطية مؤسفة، وحدها عايدة عبد العزيز تتألق في مشهد واحد يجمعها مع ابنها في الفيلم، ربما كان المشهد الجيد الوحيد الذي يثير الانتباه .. تحدثه فيه عن احباطها كأم .. وعن إحباطه كشاب، واستطاعت الممثلة القديرة أن تعطي لهذا المشهد القصير بعداً تراجيدياً واجتماعياً ونفسياً شديد المنطقية والمعقولية.هل يمكننا أن نقول بعد ذلك كله أن حسن طيارة هو فيلم النوايا الحسنة أم أنه فيلم البارود الملتهب الذي أصابه البلل فعجز عن الانفجار؟
0 Comments:
Post a Comment
<< Home